رياضة

الحاج فوزي غانم: صندوق الكرة المصرية الأسود!

مَن فوزي غانم الذي امتدت رحلته داخل أروقة الجبلاية لأكثر من نصف قرن، ويعد بامتياز صندوق الكرة المصرية الأسود المرح والخفي في آن واحد؟

future فوزي غانم يتوسط عدداً من أعضاء الاتحاد المصري لكرة القدم

لهو خفي بالفعل، لن تجد له أي لقاء صحفي، ستتعبك عيناك وأنت تبحث عن صورة له، وحينما تصل ستكون محظوظاً إن لم يصبك العمى من قلة جودة تلك الصورة. إنه فوزي غانم، «الحاج» كما تقول أعراف الاتحاد المصري لكرة القدم.

تمتد رحلة الحاج فوزي غانم داخل أروقة الجبلاية لأكثر من نصف قرن، رحلة بدأها غانم كموظف في ستينيات القرن العشرين، وانتهت بغير رغبة منه في عام 2020. والأهم أنها كانت رحلة من الخطابات المخبأة في الأدراج وعالم الكرة المصرية المرح والخفي في آن واحد.

رجل فوق القانون

«محدش في الاتحاد المصري يقدر يحاسب فوزي غانم!»

هذه الكلمات أدلى بها الإعلامي الحالي ولاعب كرة القدم وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري الأسبق مجدي عبدالغني، وهو يصف فوزي غانم قبل أكثر من 10 أعوام رداً على سؤال الصحفي ياسر أيوب عن مدة بقاء غانم في الاتحاد المصري.

لم يستطع تمالك نفسه حينئذ، فوصف سنوات غانم المبالغ بها بلفظ خارج، وربما ظهر أمامك هذا المقطع مرات عدة عبر «فيس بوك» أو «تيك توك»، فشاهدته وضحكت واستغربت ثم أكملت مسيرتك في «التايم لاين» الخاص بك، لكن الأمر أكثر عمقاً من إفيه مجدي عبدالغني، فهو هنا كان يصف غانم بأنه «قوة قاتلة في الاتحاد المصري لكرة القدم».

من فوزي غانم؟

من هو فوزي غانم إذاً، ولماذا يعد بامتياز صندوق الكرة المصرية الأسود؟

فوزي غانم هو أكثر موظفي الاتحاد المصري لكرة القدم مكثاً عبر التاريخ منذ أن أنشئ الاتحاد في عام 1921، دخل الاتحاد موظفاً في فترة المشير عبدالحكيم عامر، التي امتدت من عام 1958 إلى 1966، تدرج في مناصب عدة إلى أن وصل إلى المنصب الأثير له «مدير المكتب الفني للاتحاد المصري لكرة القدم».

إذا قررنا تعريف الحاج فوزي طبقاً لوظيفته، فمنصبه الأهم والأثير كان مدير المكتب الفني للاتحاد المصري لكرة القدم، هذا المنصب الذي يخوله تنفيذ كل المهام البيروقراطية داخل مبنى الاتحاد المصري لكرة القدم، ويا له من مبنى، ويا له من اتحاد، ويا لها من بيروقراطية.

يمكنك أن تبحث في ثنايا صفقة شريف عبدالفضيل المثيرة للجدل عن دور الحاج فوزي في إتمامها، حديث اللاعب عن «الخطابات المخبأة في الأدراج» وتدخلات تامر النحاس لتحويل مساره عن الأهلي.

هذا المنصب الذي جعله الحاكم بأمره في الاتحاد، فلا تكاد ورقة تصدر أو تورد إلا وتحمل طابعه. هذا ببساطة لأن ختم الاتحاد المصري لكرة القدم كان في يد هذا الرجل بغض النظر عمن يرأس الاتحاد، وكل من انتمى للاتحاد المصري لكرة القدم خلال أكثر من نصف قرن يعلم ذلك.

هل أنت مثلي ممن يشتكون من سيطرة الثنائي «أبوريدة - مجاهد» على مقاليد الاتحاد المصري لكرة القدم حتى وهم خارجه؟ لن أبالغ إن قلت إنهما تلميذان في مدرسة فوزي غانم!

مخاطبات رسمية ورحلة حج وختم مزور

في 25 ديسمبر 2011 على سبيل المثال، أصدر الاتحاد المصري لكرة القدم مكاتبة رسمية لرئيس الاتحادين القطري والآسيوي لكرة القدم محمد بن همام، هل تعرفون من أجل ماذا؟ هل تعرفون من أجل من؟ من أجل المهندس أحمد فوزي غانم!

 كانت تلك المكاتبة الرسمية التي تحمل ختم الاتحاد المصري لكرة القدم تطالب ابن همام بتوفير فرصة عمل لنجل فوزي غانم، الذي كان يعمل آنذاك في شركة بتروجيت، إما في اللجنة الأولمبية القطرية، وإما في إحدى وظائف قطاع الطاقة بالبلاد!

ستكتمل العشوائية حين تعلم أن تلك المكاتبة، كانت مشفوعة بتوقيع هاني أبوريدة الذي كان في ذلك التوقيت مستقيلاً من الاتحاد المصري لكرة القدم، ربما جن جنونك الآن!

حسناً، ربما تعتقد أن بقاء فوزي غانم طيلة تلك السنوات داخل اتحاد كرة القدم المصري قد منحه بعض المزايا المنطقية. لكن ماذا لو عرفت كواليس رحلة الحج!

ظهر خبر  عابر عام 2014 يتحدث عن منح السيد فوزي غانم جائزة الموظف المثالي في الاتحاد المصري لكرة القدم، جميل، قد تكون تلك من اختصاصات المكتب الفني للاتحاد الذي يرأسه بنفسه، لكن الأمور ستتطور فجأة داخل الخبر إلى أن الاتحاد قام بمنحه «رحلة حج» بناء على هذا التكريم، على طريقة «الورق ورقنا»!

ربما تتذكر مطالبات الزمالك بتأجيل مباراة مصر المقاصة في موسم 2017 بالدوري، وتعلل مرتضى منصور حينذاك  بأن رفض التأجيل جاء بناء على «ختم مزور» صادر في بيان الاتحاد المصري لكرة القدم.

كان حينها ثروت سويلم المدير التنفيذي الذي يحق له استخدام الختم غير موجود في الاتحاد، وأثبت مرتضى منصور تلك الواقعة، وأثبت خروج المكاتبة الرافضة للتأجيل آنذاك في وقت عدم وجود سويلم، الذي فسر الأمر بأن «الحاج فوزي غانم كلمني في التليفون وقلت له يستخدم الختم عادي»!

ربما تنتابك بعض الدهشة حين تعلم أنه تم التحقيق معه في واقعة شبيهة قام فيها بإرسال خطاب من الاتحاد إلى منطقة كفر الشيخ لإخطارها باجتماع الجبلاية مع الأندية دون علم مجلس الإدارة نفسه! ربما كان هذا تغولاً غير مسموح به من قبل الاتحاد، واستدعى تحقيق التلميذ أحمد مجاهد معه، قبل أن ينتهي كل شيء داخل أدراج لا قرار لها!

أين فوزي غانم الآن؟ سؤال منطقي

الرجل الذي يبلغ من العمر أكثر من 80 عاماً الآن، خرج من الاتحاد المصري في عام 2020 مستشاراً للجبلاية، وذلك على يد لجنة عمرو الجنايني، ورغم هذه «القفلة الشيك» فإن الأمر وصف من قبل الدولة العميقة داخل الاتحاد التي يرأسها أبوريدة ومجاهد أنه «تنكيل» من قبل لجنة الجنايني.

تلك اللجنة التي اتخذت قرارات ثورية في أقل من عام جعلتها مغضوباً عليها من قبل كيان الاتحاد الإداري والتنفيذي المتغلغل في الأدراج والغارق في المكاتبات الشخصية التي تحمل ختم الاتحاد!

ورغم أن الجنايني نال في فترة قصيرة رضا جماهير الأهلي والزمالك، وكان أداؤه التنفيذي مثيراً للإعجاب، فإن الإطاحة به كانت واجبة على هذا الهيكل الضارب في جذور الاتحاد المصري لكرة القدم، الذي يأبى حدوث تغيير من هذا النوع، والذي نجح في الخروج من أزمات عديدة أشد وطأة، وما فضيحة عمرو وردة عنا ببعيدة!

وحينها قيل إن الإطاحة بفوزي غانم تضمنت إهانة له، وتم رمي أخبار في سوق الصحافة المصرية عن أن السبب هو «الخوف من إصابته بفيروس كورونا لأنه يضطر للنزول إلى مبنى الاتحاد» فبادرهم الجنايني بالنفي متحدياً!

يمكنك أن ترى هذه المعركة في تعليق أحمد مجاهد آنذاك عبر وسائل التواصل الاجتماعي على إقالة فوزي غانم التي كانت بمثابة الحدث الجلل بين أروقة الاتحاد المصري لكرة القدم، وإن لم تكن كذلك بين أوساط المشجعين الذين لا يعرفون كثيراً عن تلك البئر الغويطة!

الذي تضمن التالي:

«إلي السيد عمرو الجنايني والدكتور جمال محمد علي والدكتور أحمد عبدالله ومحمد فضل والدكتورة سحر عبد الحق:

أعتقد أنه لا يرضيكم كما لا يرضي أي فرد في أسرة كرة القدم بل وأسرة الرياضة المصرية كلها ما يحدث مع الحاج فوزي غانم الذي أفنى عمره في خدمة الاتحاد والكرة المصرية وإذا كنا سنحتفل بالمئوية فلدينا رجل عمل بإخلاص لأكثر من نصف قرن ولا يزال يعطي وهو المعلم لأجيال وأجيال شرفت أني منهم وسبقني كثيرون، يا سادة فوزي غانم يستحق التكريم وليس التنكيل».

حقاً، إنه كبيرهم الذي علمهم السحر!

# كرة القدم المصرية

كيف أتت الشركة الألمانية بنظام الدوري الجديد؟
هل يمكن للكرة المصرية مواجهة نفوذ الخليج؟
ميمي الشربيني: صنايعي التعليق في عيون شبابيك منير

رياضة